في صباح أحد الأيام وكعادتها الدائمة الاستيقاظ مع العصافير وأداء الصلاة المكتوبة وربما بعض الدعاء، جهزت كوبًا من القهوة مع الكراميل، وذهبت لتستنشق هواءً عذبًا صباحيًا على شرفة البلكون الخاصة بها والتي تُشعرها بوجودها في عالم آخر يروق لها.
اقتحمت ثغرها ابتسامة مفاجئة وطأطأت رأسها ومن ثم ضحكت مطولاً، زارت مخيلتها ذكريات جميلة.. وربما هي مضحكة.
ضحكت لأنها استعادت تصرفاتها في ذلك العمر ا...
لغض والذي بكت فيه كثيرًا.. ولم يخطر ببالها أبدًا بأنها ستضحك هكذا على نفسها في يوم من الأيام، وعلى ذلك القدر الكبير من البراءة والسذاجة والطفولة المفرطة.
فذات يومٍ من الأيام.. وقبل أن تقتحم الألفية الثالثة بأعوام.. حينما كانت الدنيا مازالت بخير، فالجار والأخ والقريب والصديق يلتقون في موعد لقاء العائلة بصحبة الجد والجدة.
عائلة ضمن عائلات تلك المدينة الصغيرة أفرادها ستة يقودهم أبٌ دؤوب، وأمٌ طيبة القلب حنون.
كان الصغار حينها يتمكنون من اللعب في الحي بجوار مخزن البقالة الخاصة بهم دون خوف عليهم من مغتصب أو سارق أو حتى سيارة مسرعة.
"هبة".. الوسطى هادئة الطبع مهذبة لا ناقة لها ولا جمل فيما يخص مشاغل العائلة سوى دراستها التي أولتها اهتمام بالغ، بالإضافة لتنظيف بيوت الراحة بمنزل العائلة.. فأختاها الكبيرتان تقاسمتا شؤون المطبخ وبقية الغرف بالتناوب وتركوا لها ذلك المكان لتقوم بشطفه يوميًا، أما الصغرى فهي الطفلة المدللة والتي لم تبلغ الحُلُم تُرِك لها وقتها أدارته كيف شاءت.
في نفس الحي جاورتهم عائلة أخرى بها عدد من الأفراد الكبار والصغار في البناية المقابلة لهم، فعند الخروج لشرفة البكلون تستطيع أن ترى معظم الجيران من تلك المنارة.
ومن سوء حظ تلك الهبة أن وقعت في حب ابن الجيران "أيمن" والذي يكبرها بعدة أعوام فقط، كلاهما قاصر وكلاهما مازال يستقي علومه في صفوف الدراسة.
وكعادة الشباب في ذلك العمر يجتذبهم خوض تجارب جديدة جذابة في ظاهرها، لايعلمون مدى قسوتها ولا خطورة باطنها، بدا لها أنه أحبها كما أحبته.. يلتقيان في أرجاء الحي في جميع الأوقات.. صباحًا مع المدرسة، وعصرًا وقت الحلوى، أو برسائل الإشارة عبر شرفة البلكون التي كانت متقابلة مع بعضها.
مرت أيام وشهور وهما على هذا المنوال أو كما تهيأ لهما إلى أن أتى اليوم الذي أخبرها فيه بأنها لا تناسبه، صُعِقت المسكينة.. لم تفهم لمَ يقول هذا؟ ولم تجد تفسيرًا مقنعًا أو ردة فعل تنقذها من موقفها هذا والذي لاتحسد عليه سوى البكاء.
رجعت تجرجر أذيال الخيبة والخذلان ودموعها تنهمر بقسوة وشراسة وبلا أي هوادة أو رحمة، ألم يعتصر فؤادها الصغير وإحساس قاتل بسلاح بارد شق صدرها، أثارت تساؤلات عائلتها.. قلقت عليها والدتها الحنون فأخذت تسألها، مابك؟ ما الذي أصابكِ؟
وهي لاتجد غير الاسترسال بالبكاء والنواح جوابًا لتساؤلات والدتها.
أصبحت كالمجنونة.. هامت بين غرف المنزل.. تبعثرت مشاعرها من أرض الشارع عبر سلالم البناية وحتى الرواق وأخيرًا حجرات المنزل.
فتارة تذهب لغرفة نومها.. ثم تنتقل إلى بيت الراحة.. وتخرج للتوجيه إلى شرفة البلكون علّ هذا الحبيب الكذوب أن يشفق عليها، لكنها لا تعلم أنها لعبة وكانت هي ضحيتها والطرف الخاسر بها عقابًا لها لصدقها حبها ومشاعرها الفطرية.
استمرت على هذا الحال لساعات حتى رجعت والدتها وقالت لها: يا ابنتي لا يبكي هكذا إلا من كان عاشقًا أو فقد حبيبًا.
وكأنما ضغطت على أوتار قلب الصغيرة التي بدورها صاحت بأعلى صوتها.. وفجرت ماتبقى من محصول دموعها كحمم بركانية أخذت تسير وتحرق مايمر بطريقها.
وهكذا استمرت حتى أقنعت نفسها بأسباب واهية، وتناست ماحصل ولم تنسه، بدليل أنها تذكرت تفاصيل ماحصل وهي واقفة على شرفة البلكون بعد مرور ثلاثة عقود منذ ذلك الوقت.. فضحكت وطأطأت رأسها.
فذات يومٍ من الأيام.. وقبل أن تقتحم الألفية الثالثة بأعوام.. حينما كانت الدنيا مازالت بخير، فالجار والأخ والقريب والصديق يلتقون في موعد لقاء العائلة بصحبة الجد والجدة.
عائلة ضمن عائلات تلك المدينة الصغيرة أفرادها ستة يقودهم أبٌ دؤوب، وأمٌ طيبة القلب حنون.
كان الصغار حينها يتمكنون من اللعب في الحي بجوار مخزن البقالة الخاصة بهم دون خوف عليهم من مغتصب أو سارق أو حتى سيارة مسرعة.
"هبة".. الوسطى هادئة الطبع مهذبة لا ناقة لها ولا جمل فيما يخص مشاغل العائلة سوى دراستها التي أولتها اهتمام بالغ، بالإضافة لتنظيف بيوت الراحة بمنزل العائلة.. فأختاها الكبيرتان تقاسمتا شؤون المطبخ وبقية الغرف بالتناوب وتركوا لها ذلك المكان لتقوم بشطفه يوميًا، أما الصغرى فهي الطفلة المدللة والتي لم تبلغ الحُلُم تُرِك لها وقتها أدارته كيف شاءت.
في نفس الحي جاورتهم عائلة أخرى بها عدد من الأفراد الكبار والصغار في البناية المقابلة لهم، فعند الخروج لشرفة البكلون تستطيع أن ترى معظم الجيران من تلك المنارة.
ومن سوء حظ تلك الهبة أن وقعت في حب ابن الجيران "أيمن" والذي يكبرها بعدة أعوام فقط، كلاهما قاصر وكلاهما مازال يستقي علومه في صفوف الدراسة.
وكعادة الشباب في ذلك العمر يجتذبهم خوض تجارب جديدة جذابة في ظاهرها، لايعلمون مدى قسوتها ولا خطورة باطنها، بدا لها أنه أحبها كما أحبته.. يلتقيان في أرجاء الحي في جميع الأوقات.. صباحًا مع المدرسة، وعصرًا وقت الحلوى، أو برسائل الإشارة عبر شرفة البلكون التي كانت متقابلة مع بعضها.
مرت أيام وشهور وهما على هذا المنوال أو كما تهيأ لهما إلى أن أتى اليوم الذي أخبرها فيه بأنها لا تناسبه، صُعِقت المسكينة.. لم تفهم لمَ يقول هذا؟ ولم تجد تفسيرًا مقنعًا أو ردة فعل تنقذها من موقفها هذا والذي لاتحسد عليه سوى البكاء.
رجعت تجرجر أذيال الخيبة والخذلان ودموعها تنهمر بقسوة وشراسة وبلا أي هوادة أو رحمة، ألم يعتصر فؤادها الصغير وإحساس قاتل بسلاح بارد شق صدرها، أثارت تساؤلات عائلتها.. قلقت عليها والدتها الحنون فأخذت تسألها، مابك؟ ما الذي أصابكِ؟
وهي لاتجد غير الاسترسال بالبكاء والنواح جوابًا لتساؤلات والدتها.
أصبحت كالمجنونة.. هامت بين غرف المنزل.. تبعثرت مشاعرها من أرض الشارع عبر سلالم البناية وحتى الرواق وأخيرًا حجرات المنزل.
فتارة تذهب لغرفة نومها.. ثم تنتقل إلى بيت الراحة.. وتخرج للتوجيه إلى شرفة البلكون علّ هذا الحبيب الكذوب أن يشفق عليها، لكنها لا تعلم أنها لعبة وكانت هي ضحيتها والطرف الخاسر بها عقابًا لها لصدقها حبها ومشاعرها الفطرية.
استمرت على هذا الحال لساعات حتى رجعت والدتها وقالت لها: يا ابنتي لا يبكي هكذا إلا من كان عاشقًا أو فقد حبيبًا.
وكأنما ضغطت على أوتار قلب الصغيرة التي بدورها صاحت بأعلى صوتها.. وفجرت ماتبقى من محصول دموعها كحمم بركانية أخذت تسير وتحرق مايمر بطريقها.
وهكذا استمرت حتى أقنعت نفسها بأسباب واهية، وتناست ماحصل ولم تنسه، بدليل أنها تذكرت تفاصيل ماحصل وهي واقفة على شرفة البلكون بعد مرور ثلاثة عقود منذ ذلك الوقت.. فضحكت وطأطأت رأسها.
قلمي
4 June 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق