ذات صباح كان يتجول في الفراغ، مكان غريب مثير للدهشة، أراضٍ
مستوية ومرتفعات وهضاب بشكل ملفت، أرض ملساء ناعمة كالحرير وهضاب يبرز أعلاها
كالثمار، لونها أخاذ رائحتها نفاذة، نبتات صغيرة تشبه الوبر الناعم، يتلمسها بيديه
يمررها بين منحنياته التي يقشعر لها بدنه.
أخذ يتحسسها.. يتلمسها.. يمرر أطراف أصابعه عليها وتصدر
أصواتًا أشبه بالـــ... يداعبها بريش نعام وورود حمراء نيزكية ليستصرخها، غريبة
هذه الأرض يسيل لها اللعاب، يستلذ بها من وطئ أرضها كقصيدة شعر تلزم الاستمتاع
ببداياتها ونهاياتها وقلب وسطها.
قمم أشجارها كالشعرات المنسدلات تتلاعب بها نسائم رقيقة
يحركها كالأشعة التي تبعث الدفء والحرارة، حين ينظر لها تلتقي عيناه لتترجم لغة
خاصة تصدر من باطن القلب تصب كل الحب والشوق والشغف يفهم بها كل منهما دونما حاجة
لحديث قد يخدش حيائها العذري، بعض أطرافها بارزة وبعضها مستوية يستطيع أن يطبع
قبلة الحب الخالصة والتي تقول أنها أختيارها ورغبته وسكنه!!!
شلالاتها تفرض نفسها كممول لعطش ينتابه ويستقي منه بكل
الوفاء وكأنه يشكر لها سقياه، بها أرضٌ رحبة خصبه بالإمكان زراعة أجود أنواع القبل
بإمكان الانسان السوي أن يجد له سكن ولو خيروه سيمكث شهور في ذلك المكان الذي
يتدرب فيه على التسلق والتزلج.
بها تلّين وبينهما وحولهما وقمتهما خطر مدقع حيث منبع
البراكين، ربما يبدأ وينتهي دون أن يتعداها ذلك لأن فيهما مايكفي لإستماتة مطلوبة
ومتعة غير معقولة وثورة وتسلق وذهاب وإياب سلسلة من الأحداث لاينهيها شيء، فيهما
قمة المتعة وفيهما تستخدم كل الأسلحة فلاتوجد عندئذ أسلحة محرمة !!!
كل الوسائل الإمتاعية مسموحة ومرغوبة من لعق وعض ومصدر
سمو، بل إنها وسائل تساعد على الطيران أو على الأقل محاولة الطيران !!!
يجد بها كهف مخيف مريب يبرز رمحه لاقتحامه ببسالة، رطب دافيء
به خوار محفز يساعده على المضي قدمًا.
يغامر.. يقتحم.. يشتد خواره.. تنزف عسل نحل نقي يلعقه بنهم
فطعمه لاذع مستساغ يجبره على لعق المزيد، ومن هنا يُقحم رمحه ذاك المنتصب المغمور،
يقف له بوقار ووجل منتفخ أطرافه بقبعة ملك.. تنتفض عروقه حتى تكاد تنتشر في المكان
ليصل لآخره ليتحول الأمر إلى صراع ملحمي يحيل الخوار إلى ضجيج وضجيج.
حين انتهى أرخى صدره عليها واحتضنها وطبع قبلة الامتنان على
تلك النشوة التي لا يعرفها سوى من تذوقها أو غاب عن وعيه.
قلمي
17 November 2012